دمشق الساعة 10 ليلاً، في رأسي مدينة "صُوَر"، وصوت واحد يتردّد بقّوة: "أنا ما رح موت".
أذكره جيداً ... لقاء العيون في تلك الليلة كان صعباً جداً، كما الوقوف تماماً حينها.
ثقل الموت قاسٍ، يمكن إدراكه في وجوه الأصدقاء المبعثرة على سلم المنزل الطويل الذي يبدو صاعداً إلى السماء، وفي صمت المدينة الصارم المقطوع بدقات قلوبنا التي أصبحت واحدة، وأصوات تدحرج القذائف على أطراف المدينة، وجه صديقتي، "حبيبته"، وملامحه معاً.
كان النكران سيد الموقف في تلك الليلة، كل شيء كان يبدو زائفاً.. مقطع الفيديو.. مكالمات واتصالات تؤكد ما حدث.
صفحات الفايسبوك تكذّب، المحطات الإخبارية تكذّب.. حتى نحن الواقفين على الدرج الطويل كنّا نكذّب مردّدين "ليس هو بالتأكيد.. لا يمكن ذلك"، أن "نرى جسد صديقنا صامتاً مدوياً راحلاً عنا".
بعد ساعات قليلة تحولت الوجوه المفجوعة إلى وجوه غاضبة حزينة، وهبّ الحديث عن كيفية تشييع حزننا، عن الشكل الذي سنخبر فيه المدينة والبلد بأجمعه أن "صديقنا صاحب الابتسامة استشهد، بأن تهمته كانت "حامل الكاميرا".
صديقي ذو الابتسامة
من القبر إلى السماء...
الموت في الوطن، هو تماماً كالعودة إلى الحياة الحقيقية، والحياة في الغربة كما تراكم القبور في الجمجمة، تلقي بنفسها عليك حتى تصدأ، وكأنك تحفر بأظافرك في تابوت لا رائحة له فارغ تماماً إلا منا.
الوطن اليوم لا يشبه الوطن قبل عام، ربما نحن لم نعد كما كنّا قبل عام، لم نعد نحصي عدد الموتى، بل تقمّصنا الجثث وبقي الأحياء هناك فوق وتحت التراب.
في مكان ما على الحدود خارج الوطن تتكئ المخيمات على الفراغات التي لم تحتلها القبور، بين أصابع الأقدام العارية.
وأنت يا صاحب ابتسامة طفل صغير، ما زلنا نسمعك تدندن في الكادر بين دمشق وحمص "ولا حكم النذل فينا"، حينها فقط نبتسم...
والحب يا صديقي، فقدنا منه الكثير، أما حبيبتك فما زلنا نراها تقلّم شعرك على وجهها، وتغني لك تراتيل السلام.
يا صديقي، أما زلت تدير كاميرتك؟ هل ما زلنا في الكادر؟
ضحى حسن
NOW
أذكره جيداً ... لقاء العيون في تلك الليلة كان صعباً جداً، كما الوقوف تماماً حينها.
ثقل الموت قاسٍ، يمكن إدراكه في وجوه الأصدقاء المبعثرة على سلم المنزل الطويل الذي يبدو صاعداً إلى السماء، وفي صمت المدينة الصارم المقطوع بدقات قلوبنا التي أصبحت واحدة، وأصوات تدحرج القذائف على أطراف المدينة، وجه صديقتي، "حبيبته"، وملامحه معاً.
كان النكران سيد الموقف في تلك الليلة، كل شيء كان يبدو زائفاً.. مقطع الفيديو.. مكالمات واتصالات تؤكد ما حدث.
صفحات الفايسبوك تكذّب، المحطات الإخبارية تكذّب.. حتى نحن الواقفين على الدرج الطويل كنّا نكذّب مردّدين "ليس هو بالتأكيد.. لا يمكن ذلك"، أن "نرى جسد صديقنا صامتاً مدوياً راحلاً عنا".
بعد ساعات قليلة تحولت الوجوه المفجوعة إلى وجوه غاضبة حزينة، وهبّ الحديث عن كيفية تشييع حزننا، عن الشكل الذي سنخبر فيه المدينة والبلد بأجمعه أن "صديقنا صاحب الابتسامة استشهد، بأن تهمته كانت "حامل الكاميرا".
صديقي ذو الابتسامة
من القبر إلى السماء...
الموت في الوطن، هو تماماً كالعودة إلى الحياة الحقيقية، والحياة في الغربة كما تراكم القبور في الجمجمة، تلقي بنفسها عليك حتى تصدأ، وكأنك تحفر بأظافرك في تابوت لا رائحة له فارغ تماماً إلا منا.
الوطن اليوم لا يشبه الوطن قبل عام، ربما نحن لم نعد كما كنّا قبل عام، لم نعد نحصي عدد الموتى، بل تقمّصنا الجثث وبقي الأحياء هناك فوق وتحت التراب.
في مكان ما على الحدود خارج الوطن تتكئ المخيمات على الفراغات التي لم تحتلها القبور، بين أصابع الأقدام العارية.
وأنت يا صاحب ابتسامة طفل صغير، ما زلنا نسمعك تدندن في الكادر بين دمشق وحمص "ولا حكم النذل فينا"، حينها فقط نبتسم...
والحب يا صديقي، فقدنا منه الكثير، أما حبيبتك فما زلنا نراها تقلّم شعرك على وجهها، وتغني لك تراتيل السلام.
يا صديقي، أما زلت تدير كاميرتك؟ هل ما زلنا في الكادر؟
ضحى حسن
NOW