بيروت - "والله ما طلعت إلا غصب عني"، هذا ما قاله أول الوافدين من المسنين إلى حي الوعر في حمص وسط هتافات سكانها. ملامح الوجه والصوت الثابت وابتسامة الوافد الثاني تؤكد حتمية النصر انعكاساً للصمود في المنطقة المحاصرة هناك.
المجريات في حمص وحلب مختلفة من حيث المبدأ، لكن هناك ما ربط الأحداث في المنطقتين: "النزوح"، توزيع سكاني يعيد النظام السوري تكوينه، إذ يقوم في حلب بإرغام السكان إلى النزوح لمناطقه دون إشراف دولي، بل تحت إشراف البراميل المتفجرة والقتل والدمار.
حمص
في حمص يتم إخلاء المناطق المحاصرة من عجزة ونساء وأطفال، إلى منطقة محاصرة أخرى تحت إشراف دولي، يتخلله قصف على المناطق المحاصرة ذاتها وخرق للهدنة المتفق عليها.
أمسكت بيد طفلها، أشاحت وجهها عن زوجها وابنها الشاب الصغير الذي لم ينمُ شارباه بعد، نظرت إلى الشارع المدمر، المنازل المتهاوية، النفايات المتراكمة على أطراف الرصيف، اليوم سيخرجون، ويبقى الشباب والرجال من أخوة وآباء وأزواج، وهي على يقين أن النظام سيشن هجمته عليهم قريباً. وضعت يدها على رأس طفلها الصغير وهمست في أذنه "اذهب ودّع أباك وأخاك".
خرج 83 مدنياً من النساء والأطفال تحت سن الخامسة عشرة، والعجزة فوق سن الخامسة والخمسين بحسب هدنة وقف إطلاق النار ومدتها 4 أيام، يتم خلالها دخول المساعدات وإخلاء الأهالي، الذين ذهب بعضهم إلى منطقة الوعر "تحت سيطرة المعارضة" وآخرون "أخذهم النظام إلى مناطقه" بحسب أحد الناشطين.
وجود الأمم المتحدة في حمص لم يمنع النظام وشبيحته من إطلاق النار على العابرين من المنطقة المحاصرة إلى طريق الوعر، إذ أصيب أحد العجزة في بطنه وتم نقله إلى المشفى، كما استهدف النظام قافلة المساعدات الانسانية وقتل اثنين من ركابها.
أن يتم الاتفاق على نقل الأهالي من المنطقة المحاصرة إلى المنطقة المحاصرة الأخرى والتي ترزح تحت الحصار منذ أكثر من 190 يوماً تقريباً، فيما القصف مستمر وإطلاق النار من قبل القناصة المتمركزين على أطراف الحي بموافقة الأمم المتحدة، يثير استغراب الكثيرين.
"لا أدري كيف وافقت الأمم المتحدة على إخراج المدنيين من حصار إلى حصار"، يعلّق الناطق بإسم ائتلاف شباب الثورة في محافظة حمص حسن ابو الزين، "واليوم تجمّع سكان الأحياء الموالية لمنع خروج المدنيين وإدخال المساعدات لهم، كما قام النظام بخرق الهدنة وقصف الأحياء المحاصرة بالهاون والتي شاهد سقطوها مندوبو الأمم المتحدة".
حلب
اقترب رجل مسنّ من ابنيه، "ألن تنضما إلينا؟ البقاء هنا يعني حتمية الموت، لو كنا داخل المنزل لمتنا بعد سقوط البرميل عليه، ولقد سمعت أن المعبر سيتم إغلاقه قريباً". لكنهما رفضا محاولة أبيهما الأخيرة، ثم ودّعا والدهما وأمهما وأختهما الصغيرة. بدأت أصوات العابرين تعلو وسط أصوات القصف، نظر الأب إليهما. ابتسما، واختفت العائلة بين الحشود المتجهة إلى الطرف الآخر.
"بدأ نزوح سكان المحرر عندما استهدف النظام منطقة الميسر ومساكن هنانو بالبراميل المتفجرة. زاد النزوح في الأيام القليلة الماضية بعد الإشاعات التي نشرت حول أن النظام سيقوم بتدمير حلب بالكامل بعد أن يغلق المعبر"، يقول الناشط الإعلامي وائل عادل.
ويضيف "ما زالت هناك آثار دماء على بنطالي بعد أن أصاب قناصة النظام أحد النازحين في صدره و3 آخرين إصاباتهم خطرة، قمنا بإسعافهم إلى أحد المشافي الميدانية".
معبر بستان القصر، "كراج الحجز"، حيث المواجهة اليومية لأهالي حلب مع احتمالية الموت.
المصوّر والناشط حسام قطان (22عاماً)، يذهب كل يوم إلى المعبر ليصوّر رحلة العبور هذه. "سمعت صوت رصاص كتير، لقيت الناس عم تركض يمين وشمال، وبعد شوي لقيت ولد صغير واقف على جنب وعم يبكي، وأبوه مسطح على الأرض ومتصاوب وما حدا عم يقدر يقرّب، بقي ينزف شي نص ساعة قبل ما يسعفوه، لأنو كل ما حدا كان عم يحاول يقرّب ببلش القناص يطلق رصاص عليه".
لم يعد المعبر رحلة عبور يومية فقط لأكثر من 4000 مدني من تجار وطلاب وعمال وموظفين في الدوائر الحكومية الذين يسقط منهم شخص او اثنان كل يوم على يد قناصة النظام المتمركزة على مأذنة جامع الرئيس التي تكشف على كل المعبر وسوق الخضرة، بل تحول إلى المنفذ الذي سيوصلهم إلى المنطقة المحتلة والتي أصبحت بالنسبة لهم أكثر أماناً.
في كلس شهد معبر السلامة الحدودي ازدحاماً شديداً الأسبوع الماضي. قامت الجهة التركية بإغلاقه إثر عدم استيعاب المخيم في الطرف الآخر أعداداً أخرى من اللاجئين بعد دخول 700 عائلة جديدة إليه، يقول الناشط فراس: "يُعتبر هذا النزوح الأكبر منذ بداية الثورة، إذ هرب سكان حلب الشرقية المحررة جراء قصف مناطقهم بالبراميل المتفجرة من قبل النظام".
العام الثالث، وتداعيات جنيف 2، خيار بين الموت بالبراميل والقصف والجوع والمرض أو التوجه إلى مناطق القاتل، حيث كل الاحتمالات مفتوحة فيما يتعلق بالاعتقال والتعذيب والقتل أيضاً.
ضحى حسن
NOW
المجريات في حمص وحلب مختلفة من حيث المبدأ، لكن هناك ما ربط الأحداث في المنطقتين: "النزوح"، توزيع سكاني يعيد النظام السوري تكوينه، إذ يقوم في حلب بإرغام السكان إلى النزوح لمناطقه دون إشراف دولي، بل تحت إشراف البراميل المتفجرة والقتل والدمار.
حمص
في حمص يتم إخلاء المناطق المحاصرة من عجزة ونساء وأطفال، إلى منطقة محاصرة أخرى تحت إشراف دولي، يتخلله قصف على المناطق المحاصرة ذاتها وخرق للهدنة المتفق عليها.
أمسكت بيد طفلها، أشاحت وجهها عن زوجها وابنها الشاب الصغير الذي لم ينمُ شارباه بعد، نظرت إلى الشارع المدمر، المنازل المتهاوية، النفايات المتراكمة على أطراف الرصيف، اليوم سيخرجون، ويبقى الشباب والرجال من أخوة وآباء وأزواج، وهي على يقين أن النظام سيشن هجمته عليهم قريباً. وضعت يدها على رأس طفلها الصغير وهمست في أذنه "اذهب ودّع أباك وأخاك".
خرج 83 مدنياً من النساء والأطفال تحت سن الخامسة عشرة، والعجزة فوق سن الخامسة والخمسين بحسب هدنة وقف إطلاق النار ومدتها 4 أيام، يتم خلالها دخول المساعدات وإخلاء الأهالي، الذين ذهب بعضهم إلى منطقة الوعر "تحت سيطرة المعارضة" وآخرون "أخذهم النظام إلى مناطقه" بحسب أحد الناشطين.
وجود الأمم المتحدة في حمص لم يمنع النظام وشبيحته من إطلاق النار على العابرين من المنطقة المحاصرة إلى طريق الوعر، إذ أصيب أحد العجزة في بطنه وتم نقله إلى المشفى، كما استهدف النظام قافلة المساعدات الانسانية وقتل اثنين من ركابها.
أن يتم الاتفاق على نقل الأهالي من المنطقة المحاصرة إلى المنطقة المحاصرة الأخرى والتي ترزح تحت الحصار منذ أكثر من 190 يوماً تقريباً، فيما القصف مستمر وإطلاق النار من قبل القناصة المتمركزين على أطراف الحي بموافقة الأمم المتحدة، يثير استغراب الكثيرين.
"لا أدري كيف وافقت الأمم المتحدة على إخراج المدنيين من حصار إلى حصار"، يعلّق الناطق بإسم ائتلاف شباب الثورة في محافظة حمص حسن ابو الزين، "واليوم تجمّع سكان الأحياء الموالية لمنع خروج المدنيين وإدخال المساعدات لهم، كما قام النظام بخرق الهدنة وقصف الأحياء المحاصرة بالهاون والتي شاهد سقطوها مندوبو الأمم المتحدة".
حلب
اقترب رجل مسنّ من ابنيه، "ألن تنضما إلينا؟ البقاء هنا يعني حتمية الموت، لو كنا داخل المنزل لمتنا بعد سقوط البرميل عليه، ولقد سمعت أن المعبر سيتم إغلاقه قريباً". لكنهما رفضا محاولة أبيهما الأخيرة، ثم ودّعا والدهما وأمهما وأختهما الصغيرة. بدأت أصوات العابرين تعلو وسط أصوات القصف، نظر الأب إليهما. ابتسما، واختفت العائلة بين الحشود المتجهة إلى الطرف الآخر.
"بدأ نزوح سكان المحرر عندما استهدف النظام منطقة الميسر ومساكن هنانو بالبراميل المتفجرة. زاد النزوح في الأيام القليلة الماضية بعد الإشاعات التي نشرت حول أن النظام سيقوم بتدمير حلب بالكامل بعد أن يغلق المعبر"، يقول الناشط الإعلامي وائل عادل.
ويضيف "ما زالت هناك آثار دماء على بنطالي بعد أن أصاب قناصة النظام أحد النازحين في صدره و3 آخرين إصاباتهم خطرة، قمنا بإسعافهم إلى أحد المشافي الميدانية".
معبر بستان القصر، "كراج الحجز"، حيث المواجهة اليومية لأهالي حلب مع احتمالية الموت.
المصوّر والناشط حسام قطان (22عاماً)، يذهب كل يوم إلى المعبر ليصوّر رحلة العبور هذه. "سمعت صوت رصاص كتير، لقيت الناس عم تركض يمين وشمال، وبعد شوي لقيت ولد صغير واقف على جنب وعم يبكي، وأبوه مسطح على الأرض ومتصاوب وما حدا عم يقدر يقرّب، بقي ينزف شي نص ساعة قبل ما يسعفوه، لأنو كل ما حدا كان عم يحاول يقرّب ببلش القناص يطلق رصاص عليه".
لم يعد المعبر رحلة عبور يومية فقط لأكثر من 4000 مدني من تجار وطلاب وعمال وموظفين في الدوائر الحكومية الذين يسقط منهم شخص او اثنان كل يوم على يد قناصة النظام المتمركزة على مأذنة جامع الرئيس التي تكشف على كل المعبر وسوق الخضرة، بل تحول إلى المنفذ الذي سيوصلهم إلى المنطقة المحتلة والتي أصبحت بالنسبة لهم أكثر أماناً.
في كلس شهد معبر السلامة الحدودي ازدحاماً شديداً الأسبوع الماضي. قامت الجهة التركية بإغلاقه إثر عدم استيعاب المخيم في الطرف الآخر أعداداً أخرى من اللاجئين بعد دخول 700 عائلة جديدة إليه، يقول الناشط فراس: "يُعتبر هذا النزوح الأكبر منذ بداية الثورة، إذ هرب سكان حلب الشرقية المحررة جراء قصف مناطقهم بالبراميل المتفجرة من قبل النظام".
العام الثالث، وتداعيات جنيف 2، خيار بين الموت بالبراميل والقصف والجوع والمرض أو التوجه إلى مناطق القاتل، حيث كل الاحتمالات مفتوحة فيما يتعلق بالاعتقال والتعذيب والقتل أيضاً.
ضحى حسن
NOW